السبت، 29 نوفمبر 2008

رســـــالة إلى قلمي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى قلمي:
***
جاءتني رسالة تسألني أين قلمك ؟
فتذكرته وجريت أبحث عنه ؛ فوجدته منطوياً حزينا شارد الفكر ، ناديته
فلم يجبني وأنكرني وهو كان إن رآني يحتضنني بسعادة وحب واشتياق،
وبعد تكرار النداء عليه ردَّ ممتعضاً ضعيف القوى
لايسطيع السير على بساطه الأبيض كما كان يسير في سهولة ورشاقة ،
يتهادى بين السطور ؛ فيخرج رحيقاً جميلا .
فأمسكت به فوجدته يتوقف أحياناً ويتلعثم أحيانا
قلت له : ما بك أيها القلمُ الأمين ؟
قال لقد هنت عليكم، وأدخلتم علي مدادي كلمات
" ما أنزل الله بها من سلطان" لا تتناسب مع مدادي
قلت له : زدني
قال: لقد نسيتم أن تحافظوا على مدادي
وتستخدموه استخداماً صحيحاَ لا ركيكا ، بل عليكم أن تبعدوا
عني ما دخل من كلمات أضعفت قوتي ، وأوقفت توهجي .
قلت له : نحن نقيم لك أسبوعاً كل عام نتحدث
فيه باللغة التي تحبها ونستخدم مداداً، أنت تعشقه
فزاد امتعاضه ونظر إلي وقال :
هل الأسبوع هو الحل ؟
ثم سقط القلم من يدي
***

الأربعاء، 5 نوفمبر 2008

الشارقة و الكتاب

الشارقة من المدن النادرة التي ترغمك على الكتابة عنها من دون مناسبة، لكني أعترف: أكتب عن الشارقة اليوم بمناسبة افتتاح معرضها الدولي للكتاب اليوم.

معرض الكتاب موسم من الفرح الهائل و الفكر النبيل، و على مدى سنوات العقود الماضية، و هي سنوات التفاعل و التأسيس، كانت الشارقة تحتضن هذا المعرض، بكل ما في العبارة من واقع و مستقبل و رموز و إشارات.

وها هو يعود هذا العام، اليوم، ليؤكد أنه ليس فكرة طارئة، و أنه بعض الشارقة، بعض ألقها و ألفتها و بهائها.

إن بعض الشعراء يشبه المدينة بالنساء، لكنه تشبيه سطحي و ساذج في نظر العشاق الحقيقيين، عشاق المدن، و عشاق النساء.

و أن تعشق امرأة، فهو أن تواجه وجهك في مرآة واحدة كل صباح.

وأن تعشق مدينة، فهو أن تواجه وجهك، كل صباح و مساء، في آلاف المرايا.

و حتى تعشق امرأة فلابد من أن يكون لديك قلب واحد.

و حتى تعشق مدينة فلابد من أن تنبض في صدرك قلوب عدة، و كلها مسكونة بالشوق و الوجع، و بالشوارع و الناس.

حب المدن فن، فقد يضيع إنسان في خريطة مدينة فيفقد ملامحه، ولا يكتشف ملامحها، و قد يعيش إنسان في مدينة عمره كله، فكأنه لم يعش فيها لحظة، أو كأنه أهدر عمره في وهم أو خيال. و في المقابل، قد تخطر على بالك مدينة لم تزرها من قبل، و تظل في بالك حلماً أزلياً، و خاطرة جميلة، توقذك أثناء النوم، و تدربك على الرحيل فيها، و في معانيها و مغانيها، من دون أن تغادر عتبة بيتك.

و الشارقة مدينة في الوطن كأنها الوطن، و بيت من الشمس و الظل و العلاقات الحميمة.

ولا يكاد يعادل غرامي بها إلا غرامي بأبوظبي و دبي.

إنها مدينة تستقبلني كلها، دفعة واحدة، عند دوار الخان، و تقدم لي فنجان قهوة، و تفاحة و كتابا.

هل أكتفي بهذا، أم أدخل؟

تقول لي الشارقة في دلال ساحر: تعال نشرب فنجان القهوة، و نأكل التفاحة معا، و معاً نقرأ الكتاب..

و أمسك الشارقة من يدها، و أذهب معها إلى ميدان الرولة، وهناك أتذكر: أشتاق حيناً، و أبتسم في معظم الأحيان..